للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ يلقون اللوم على غيرهم لما يصيبهم من السيئات والشرور، ولا يلومون أنفسهم، مع أنهم مخيّرون في اتخاذ القرارات التي تؤدي بهم إلى الخير أو الشر ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ لأن حدوث الحسنات والسيئات يتم وفق سننه تعالى في الخلق وفق نظام الأسباب والمسببات، ولحرية الخيار التي كرّم بها تعالى بني آدم، كما هو موضح في الآية التالية ﴿فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً﴾ فكيف أنهم لا يفهمون سننه تعالى في خلقه؟

﴿ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً﴾ (٧٩)

٧٩ - ﴿ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ﴾ أيها الإنسان ﴿فَمِنَ اللهِ﴾ لأن الخير كله بيده تعالى فينعم به، وفق سننه الكونية، على من يشاء من عباده، المؤمن منهم والكافر، والمستحق ومن لا يستحق، ومن يتّبع سبل الخير يصل إليها ﴿وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ لأن الإنسان مخيّر في اتباع الطرق التي تؤدي به إلى الخير أو الشر فيكون ما أصابه من السيئة لعدم فهمه، وعدم اتباعه السنن التي أوجدها تعالى في الخلق ﴿وَأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً﴾ أي أرسلناك أيها النبي محمّد إلى الناس كافة، وليس للعرب فقط، لتبين للجميع طريق الخير والحسنات، وليختاروا ما هو في صالحهم إن شاؤوا، وما على الرسول إلا البلاغ ﴿وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً﴾ على ذلك.

﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ (٨٠)

٨٠ - ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ﴾ أي من يطع الرسول فيما يبلّغه من الوحي عن ربّه، وما يبيّنه في ذلك، فقد أطاع الله، لقوله تعالى مخاطبا رسوله: ﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ١٦/ ٤٤]، وفي ذلك عودة لموضوع الآيات (٥٩ و ٦٤ و ٦٥ و ٦٩) ﴿وَمَنْ تَوَلّى فَما﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>