للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء والرسل إلى البشر، ومن معجزات الوحي الإلهي أنه نزل عبر العرب رسالة صالحة لكافة الأمم الأخرى في كافة العصور، وعليه لا يكفي المسلم أن يتعلم ما فهمه أسلافنا المسلمون من القرآن والسنة في وقتهم، بل من الواجب تكييف هذا الفهم وتطويره بما يوافق متطلبات العصر الذي نعيشه حتى يمكن نقل الرسالة الإسلامية إلى الغير عبر سلوكنا الفعلي الظاهر وممارساتنا الحياتية العملية اليومية، ولكي يكون الإسلام تطبيقا ممكنا وليس نظرية في الكتب وكلاما، وأي شيء أقل من ذلك يعد تجاهلا بل إنكارا لعالمية الإسلام وإمكانية تطبيقه في كل الأوقات ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ وهو مبرر الخيرية المذكورة آنفا، ولا يكون ذلك بمجرد الأمر والنهي باللسان، وإنما يقتضي أن يكون المسلمون قدوة حسنة لغيرهم حتى يكون أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر نابعا من ممارسة حياتية صحيحة وصادقة ومطابقا لها، وخلافا لذلك تكون النتيجة إنكارا لعالمية الوحي القرآني وابتعادا عنها ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ لا تشركون بعبادته أحدا ﴿وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ﴾ بمثل ما آمنتم به أي بدعوتكم لهم إلى المعروف ﴿لَكانَ خَيْراً لَهُمْ﴾ لأن الإسلام جاء لخير البشرية جمعاء ﴿مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ القلّة منهم تحكّم العقل والتفكير الموضوعي فتدخل الإسلام، قال تعالى: ﴿لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [النساء: ٤/ ١٦٢]، ﴿وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ﴾ الأكثرية منهم فسقوا عن حقيقة دينهم ولم يبق عندهم من الدين سوى المراسم والتقليد، والتعصب للآباء والأجداد، وقد سيطر عليهم التحامل والهوى والغرور والاعتداد بالذات، وهيمنت عليهم المصالح الدنيوية والزعامات والمراكز.

﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾ (١١١)

١١١ - فالمصرّون على الفسق منهم لن يضرّوكم: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ﴾ أي بكفرهم وتكذيبهم ﴿إِلاّ أَذىً﴾ أي أذى تسمعونه منهم كالطعن في الدين والذم

<<  <  ج: ص:  >  >>