٢٧ - ﴿وَاُتْلُ عَلَيْهِمْ﴾ أي على بني إسرائيل، فالكلام لا يزال عنهم ﴿نَبَأَ اِبْنَيْ آدَمَ﴾ أي خبرهما، والخطاب متعلق بالآية (١٥)، وقوله تعالى: ﴿اِبْنَيْ آدَمَ﴾ مجازا، أي هما من بني آدم، وليسا بالضرورة ابني آدم من صلبه، والعرب تقول بني آدم عن جنس البشر، انظر آيات [الحجر: ١٥/ ٢٨ - ٤٢]، ولأن الكلام لا يزال عن بني إسرائيل، فيحتمل أنهما رجلان منهم، بدليل قوله تعالى في آخر القصة: ﴿مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ (٣٢)﴾.
﴿بِالْحَقِّ﴾ أي أخبرهم بحقيقة القصة، وبالغرض المقصود منها وهو تقبيح الحسد وعاقبته السيئة، لأن علاقة الآية بما قبلها هو موضوع الحسد بالذات، وأن الحسد قديم في بني آدم كما في بني إسرائيل بالذات، ومن ذلك أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى كفروا بالبعثة الإسلامية لحسدهم محمدا ﷺ فيما آتاه الله من الدين الحق، ولأنهم ظنّوا أنّ النبوة لا تكون إلا فيهم ولا تخرج عنهم، فعتوا واستكبروا.
﴿إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ﴾ القربان هو ما يتقرّب به إلى الله تعالى، كالأضحية أو الصدقة، ولم تذكر الآية كيف علما أنّ القربان تقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر، ولعلّهما علما ذلك من نبيّ في زمانهما، وأما قول البعض أن النار كانت تنزل من السماء فتأكل الذبيحة أو القربان المقبول فذلك من الإسرائيليات، وأما قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ﴾ [آل عمران: ٣/ ١٨٣]، فلأن اليهود كانوا يحرقون القرابين بالنار بحسب شريعتهم، ولا تزال طائفة السامريين منهم تحرق القرابين في نابلس بفلسطين إلى اليوم.
﴿قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ﴾ أي قاله الذي لم يتقبّل قربانه لأخيه متوعّدا إياه، فأجابه:
﴿قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ بيّن له أخوه سبب قبول قربانه: وهو