﴿أو أكثر من النصف: ﴿أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ والنتيجة أنّ النبي ﷺ بالخيار أن يقوم نصف الليل أو أقل أو أكثر، وأن يتمعّن في معاني القرآن حين تلاوته: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ (٤) وقالوا الترتيل بمعنى التبيين.
تمهيدا لما سينزل على النبي من عظيم القرآن: ﴿إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾ (٥)
وتكريس النفس للقرآن خلال الليل بعيدا عن مشاغل الدنيا: ﴿إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً﴾ حتى يواطيء القلب ما يقوله اللسان: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ (٦)
ولأن كثيرا من مهام الدعوة تنتظر النبي ﷺ خلال النهار: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً﴾ (٧)
وأن ينشغل الرسول بذكر الله ويكرس حياته لمهام البعثة: ﴿وَاُذْكُرِ اِسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾ (٨)
وأن يفوّض كل أموره إليه تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾ (٩)، قال الرازي: لأن من لا يفوّض كل أموره إلى الله تعالى فهو غير عالم بحقيقة (لا إله إلاّ الله).
وأن يتهيأ ﵊ للصبر على العنت الذي سيلقاه من خصومه - كما هي حال كل داع في كل وقت ومكان - ﴿وَاِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾ (١٠)، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ * فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف ٨٨/ ٤٣ - ٨٩]،
وأن يترك عقاب المكذّبين على الله وحده: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١)﴾ والإمهال قليلا أي حتى يراجع المكذّبون أنفسهم ويتوبوا، أو إمهالهم ليوم الحساب،