للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَإِنِ اِمْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً﴾ أي إذا ظهرت لها من زوجها علائم الكراهة وسوء العشرة، وأصل النشوز الارتفاع لأن النشز هو المرتفع من الأرض، فكأنما الزوج يترفع ويتكبر عليها ميلا إلى غيرها ﴿أَوْ إِعْراضاً﴾ بالإهمال والترك ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً﴾ بحلول وسط تكون مقبولة للطرفين بحيث يتنازل كل طرف عن بعض حقوقه ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ من الفراق ومن النشوز والإعراض ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ الأنفس مطبوعة على الأنانية فهي تشحّ بحقوقها ولا تود التنازل عن شيء منها كي تصل إلى حل وسط ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا﴾ بإمساك نسائكم، وإن كرهتموهنّ وأحببتم غيرهنّ ﴿وَتَتَّقُوا﴾ النشوز والإعراض ﴿فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ فيثيبكم عليه.

﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (١٢٩)

١٢٩ - ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ بعد أن أخبر تعالى عن نشوز الرجل بسبب ميله إلى زوجة أخرى، أو رغبته بالزواج من أخرى، وبعد أن حثّ على الصلح والحلول الوسط، ولمّا كان تعدد الزوجات مرتبطا ارتباطا وثيقا بالعدل بينهن، الآية (٣)، وحيث إن الرجل التقي قد يشعر بالإثم إذا أحب إحدى زوجاته أكثر من غيرها، فهذه الآية تبين أن مشاعر الرجل خارج نطاق سيطرته فيبقى أن يكون العدل بين الزوجات في المعاملة والإنفاق والسلوك الخارجي تجاههنّ ﴿فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾ بعواطفكم نحو الزوجة المفضّلة ﴿فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ وهي الزوجة الأقل محبة عند الزوج، فتتركوها كما لو كانت غير متزوجة، وهي في نفس الوقت ليست مطلّقة ﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا﴾ في معاملة النساء ﴿وَتَتَّقُوا﴾ ظلمهنّ ﴿فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾.

﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً (١٣٠)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>