للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعليل ذلك فيما يلي: ﴿لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ بما أن القرآن يؤكد أن المسلمين هم أتباع إبراهيم لذا وجب أن يتّبعوا قبلته، فلو توجهوا في صلاتهم لغير الكعبة لاحتجّ الناس عليهم بذلك ﴿إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاِخْشَوْنِي﴾ إنّ اتباع الكعبة لا يترك حجة للناس إلاّ الذين ظلموا منهم واستعمال الفعل الماضي بكلمة ﴿ظَلَمُوا﴾ يؤدّي معنى الإصرار على الإنكار والمكابرة والعدوان فلا يرجى منهم العودة إلى الصواب، كما في الآية (٦)، ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ بفتح مكة ودخول المسجد الحرام ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ إلى الحقيقة.

﴿كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ (١٥١)

١٥١ - ﴿كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ﴾ الخطاب متّصل بما قبله أي:

ولأتمّ نعمتي عليكم بفتح مكة ودخول المسجد الحرام، كما سبق أن أنعمت عليكم بإرسال الرسول منكم ﴿يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا﴾ فيبين لكم منهاج الحياة الصحيح ﴿وَيُزَكِّيكُمْ﴾ يطهّر نفوسكم من الوثنية والشرك ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ﴾ القرآن ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ الفقه والعلم والفهم ﴿وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ ممّا لا طريق إلى معرفته إلاّ بالوحي، الآية (١٢٩).

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاُشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ (١٥٢)

١٥٢ - ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ في الحديث القدسي: «أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»، والمعنى كما ذكرتم بفضلي فاذكروا ربّكم ﴿وَاُشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ وكما تعطفت عليكم بالنعم فاشكروها، وشكرها يكون بالقول والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>