للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النظم في السورة]

﴿شرح الله تعالى صدر النبي للقيام بمهام النبوة، ومعنى شرح الصدر الإراحة من الهمّ والغمّ، والعرب تسمّي الغمّ والهمّ ضيق صدر، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ﴾ [الحجر ٩٧/ ١٥]، حتى أنّ النبيّ احتمل أعباء الدعوة منشرح الصدر منشغلا بمهام التكليف متلهّفا على إسلام المعاندين من قومه: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ (١)

فخفّف عنه تعالى عبء ختم النبوّات الهائل الذي يثقل ظهر العظماء:

﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ (٢ - ٣)

فكان الإنجاز العظيم الذي قدّر للنبي أن يحقّقه أعظم من منجزات الأنبياء من قبله مجتمعين: ﴿وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ (٤)

وأنّ من سننه تعالى في عباده المؤمنين أن لا دوام للأوضاع الصعبة: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ (٥ - ٦)

فوجب على النبيّ وبالتالي كل مسلم - أن يستفيد من فراغه بما يفيد دنياه وآخرته: ﴿فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ (٧ - ٨)، والنصب:

التعب، فالقاعدة لكلّ مسلم أن لا يمضي فراغه من غير شغل مفيد، ولا يشتغل بما لا يعنيه ولا يفيده من سفه الرأي وتفاهة العقل واستيلاء الغفلة، بل يجتهد في العبادة ويرغب إلى الله في كل أموره فيجده عند الحاجة لأنه المهيمن على أمور عباده، وفي الحديث الشريف: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" رواه البخاري وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>