للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كفّار أهل الحضر ومنافقيهم، بسبب بيئة البداوة والحياة الوحشية التي يعيشونها، وقلة احتكاكهم مع أهل الحكمة والعلم من الناس، قال الألوسي:

الحكم على الأعراب بما ذكر من باب وصف الجنس ببعض أفراده كما في قوله تعالى ﴿وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً﴾ [الإسراء ٦٧/ ١٧]، إذ ليس كلهم كذلك بدليل الآية (٩٩)، ﴿وَأَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ﴾ هم أولى وأحقّ أن لا يعلموا التكاليف والأحكام الشرعية، بسبب طبيعة معيشتهم وعزلتهم وبعدهم عن العلماء ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ﴾ بخلقه ﴿حَكِيمٌ﴾ في شرعه.

﴿وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (٩٨)

٩٨ - بعد أن ذكرت الآية (٩٠) أن بعض الأعراب اعتذر عن النفير مع النبي ، بل إنّ بعضهم قعد عن المجيء وعن الاعتذار، وبيّنت الآية (٩٧) أنهم أشد كفرا ونفاقا من الكفار والمنافقين في المدن، تبيّن هذه الآية نوعا معينا من نفاق بعضهم:

﴿وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً﴾ ينفقون بعض أموالهم خوفا من المؤمنين رياء وتقية، ويعتبرون نفقتهم غرامة وخسارة لأنهم غير مؤمنين بالرسالة ولا بثواب الآخرة ﴿وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ﴾ التربّص الانتظار، والدوائر هي دوائر الزمن وتقلب أحواله، والمعنى أنهم بسبب جهلهم وخبث نفوسهم ينتظرون ويتوقعون أن تنقلب الأمور على المسلمين بظهور اليهود أو المشركين عليهم، فيستريحوا من أداء هذه المغارم بزعمهم ﴿عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ﴾ دوائر الزمن ستنقلب عليهم، وهو إخبار بالمآل السيئ الذي ينتظرهم، على عكس ما يريدون بالمسلمين ﴿وَاللهُ سَمِيعٌ﴾ لأقوالهم ﴿عَلِيمٌ﴾ بنواياهم.

﴿وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>