على قومه، لأنّ قبول دعوة الرسول والدخول في الدين بمثابة عهد وميثاق بالسمع والطاعة، وقد نسب تعالى الميثاق إلى ذاته العلية كونه أخذ عن طريق رسوله، وهذا الميثاق عام لكل من دخل في الإسلام أو نشأ فيه، وهو أيضا العهد الذي أخذه تعالى على بني آدم حين أخرجهم من ظهور آبائهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا، انظر آية [الأعراف: ٧/ ١٧٢]، وهو أيضا الدلائل العقلية على التوحيد والشرائع ﴿وَاِتَّقُوا اللهَ﴾ بالوفاء بهذا الميثاق ﴿إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ خبير بالنوايا.
٨ - بعد أن بيّنت الآيات السابقة بعضا من جوانب العقود المشار إليها بالآية (١)، كأحكام الحلال والحرام، والوضوء والتيمم، ينتقل الخطاب إلى الأمر بالعدل:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ﴾ أي قوموا بأوامر الله ﴿شُهَداءَ بِالْقِسْطِ﴾ اشهدوا بالعدل لوجه الله تعالى، ولا تشهدوا بالباطل ابتغاء منفعة دنيوية ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ أي لا يحملنّكم بغضكم للمشركين أو الكفار أو غيرهم على أن لا تعدلوا فتكسبوا بذلك جرما، بل اعدلوا فيهم وإن أساؤوا إليكم، ولا تقابلوا الإساءة بمثلها، ولا تعتدوا ولا تتشفوا بما في قلوبكم من الضغائن، وفي ذلك عودة وتأكيد لما في الآية (٢)، ﴿وَاِتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ لا يخفى عليه شيء من أحوالكم.
٩ - ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ بعد أن شرّع تعالى في الآيات السابقة من الأحكام، وذكّر الخلق بميثاقه الذي