الأمم ضمن حدود معينة، فإذا تجاوزت وفسدت جابهها بأمّة أخرى لتكبحها، ولو أنّه فسح المجال لأمة واحدة أن تسيطر وتطغى إلى الأبد لانتشر الفساد وعمّت الشرور ﴿وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ﴾ فمن فضله تعالى أنّه يضع حدّا للفساد والطغيان.
٢٥٢ - ﴿تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾ بما فيها من العبر البليغة ﴿وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ لأنّ النبي ﷺ عرف تاريخ الأقوام القديمة عن طريق الوحي، من غير تعلّم ولا دراسة، وفي ذلك إفحام لمن شكّك في نبوّته من أهل الكتاب، خاصة إذا عرفنا أن كتب اليهود والنصارى لم تكن مترجمة للعربية زمن البعثة النبوية، ولم تترجم للعربية حتى العام ١٠٦٠ م.
٢٥٣ - ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ﴾ وهو موسى ﵇ ﴿وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ﴾ وهو محمد ﷺ كونه بعث للناس كافة، بخاتم الرسالات لكل العصور والأزمان ﴿وَآتَيْنا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ ورود عيسى ﵇ في هذا السياق للتأكيد على كونه نبيا ولدحض ادعاءات من اعتبروه إلها، ولمعنى التأييد بالروح القدس راجع آية [المائدة ٥/ ١١٠]، ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اِقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اِخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اِقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ﴾ فطر تعالى الناس على حرية الرأي والاختلاف، ولو شاء تعالى لجعل سنته في خلقه أن يعذر المتخالفون بعضهم بعضا وأن يكون خلافهم في الرأي مقتصرا على النقاش فيدعم كل منهم رأيه بالحجة فقط، فلو