﴿أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ﴾ ليس فقط في بدر، بل كان ﷺ مؤيدا في سائر أموره حتى ظهر أمر الإسلام ﴿وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ أي بتسخير المؤمنين لنصرته، ثم بيّن تعالى في الآية التالية كيف أيّد نبيّه بالمؤمنين:
٦٣ - ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾ بين قلوب المؤمنين بعد أن كانوا كفارا يقتل بعضهم بعضا ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ وتلك من الآيات الباهرات، لأن قلوب العرب قبل البعثة جبلت على الحمية والعصبية والانطواء على الضغينة والانتقام، ثم إنّ قلوبهم ائتلفت على اتباع النبي ﷺ، ونشأت بينهم المحبة والمودة، وزالت عنهم العصبية، وحلّ محلها الحب في الله، والبغض في الله ﴿إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ عزيز في كفاية رسوله والمؤمنين شر خداع الأعداء، حكيم في تأييده المؤمنين بالنصر.
٦٤ - بعد أن وعد تعالى نبيّه بالنصر عند مخادعة الأعداء، وعده بالنصر والظفر مطلقا في كل الأحوال:
﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ﴾ وحده يكفيك ﴿وَمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ حسبهم الله أيضا هو كافيهم، وهو غير ما سبق في الآية (٦٢)﴾ بقوله ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ﴾ فذلك معناه: إن أرادوا خداعك كفاك الله أمرهم، أما معنى هذه الآية فهو: الله كافيك وكافي أتباعك من المؤمنين في كل الأحوال، فالمعنى في هذه الآية عام، وهو كفاية عامة في كل ما يحتاج إليه النبي ﷺ ويحتاج إليه أتباعه في الدين والدنيا،
ويمتنع أن يكون معنى الآية: الله والمؤمنون يكفونك، لأن من كان الله كافيه وناصره فلا يزيد حاله أو ينقص بسبب نصرة غير الله، ثم بيّن أنه تعالى وإن كان يكفي نبيّه والمؤمنين بالنصر فلا يجب أن يتّكل النبي على ذلك إلاّ بشرط