للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من هو في غاية الخيانة فلا يؤدّي لك الأمانة إلاّ بعد الإلحاح والخصومة واللجوء إلى القاضي، والآية تحذير للمسلمين أن لا يأتمنوهم على أموالهم ولا يغترّوا بهم لأن الكثير منهم يستحل أموال الغير بدعوى أنهم على غير دينهم، واليهود يسمّون من هم على غير دينهم - الأغيار Gentiles - وتنص كتبهم المقدسة، التي غيّروا وبدّلوا فيها، على مقاييس مزدوجة في التعامل مع الناس بحسب إن كانوا يهودا أم لا، فبالنسبة للربا يقولون: «يحل لك أن تقرض الأغيار بالربا ولكن يحرم عليك إقراض اليهود بالربا» (سفر التثنية ٢٣/ ٢٠)، وعندهم قاعدة شبيهة في التزام القروض تميّز بين اليهودي وغيره (سفر التثنية ١٥/ ٣)، وهذه الازدواجية في التعامل غير مقتصرة عندهم على الربا، وإنما تتعداها إلى القتل والسرقة والزنا، فهي محرمة فيما بينهم، في حين أنهم يأمرون بقتل وسرقة وغدر الأغيار، ويشجعون الفواحش بينهم، انظر شرح آية [البقرة:

٢/ ٥٩]، ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ ذلك الاستحلال والخيانة ناتج عن زعمهم أن لا حرج عليهم ولا تبعة ولا ذنب في أموال الآخرين، وهذا من غرورهم وزعمهم أنهم شعب الله الخاص ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ﴾ أي إنّ ما نصّوا عليه في كتبهم من استحلال أموال الآخرين، ونسبوه إلى الله، ليس سوى كذبا، فهو دليل على التلاعب في كتبهم ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ يعلمون أن الخيانة محرّمة، ويعلمون أن المذكور في كتبهم ليس سوى افتراء من الأحبار، ولكن عمليات التضليل وغسيل الدماغ استشرت عبر أجيالهم وذرياتهم.

﴿بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاِتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ (٧٦)

٧٦ - ﴿بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاِتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ هذه الآية لإثبات ما نفوه، والمعنى: بلى عليكم سبيل فيما زعمتم من استحلال أموال الآخرين، لأنّ المفروض عليكم هو الوفاء بالعهد والتقوى، والآية دالّة على

<<  <  ج: ص:  >  >>