للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - ﴿وَلَقَدِ اُسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ الخطاب للنبي ، والمعنى أن استهزاء البعض بالرسل يحيط بهم في النهاية، أي يعود عليهم وبالا، ليس فقط في الحياة الآخرة، وإنما أيضا في الحياة الدنيا، لأن استمرار الأكثرية في تكذيب الوحي يسلب المجتمعات أسسها المعنوية والخلقية، وبالتالي يذهب بسعادتها الدنيوية، وفي النهاية يؤدي إلى هلاكها كما هو واضح من الآية التالية:

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ اُنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ (١١)

١١ - ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ اُنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ اعتبروا بما تعلمون من تفسخ وتدهور وانحلال الأمم من المكذّبين قبلكم، ولا تغفلوا عن سبب زوالها، ونظيره قوله تعالى: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٢٢/ ٤٥ - ٤٦]، والمعنى أن سنن الله لا تبدّل لها، والإنسان مكلّف بالبحث عن تلك السنن بدراسة التاريخ والآثار وعلوم الاجتماع والحضارات ومعرفة أسباب نهوض الأمم وزوالها.

﴿قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (١٢)

١٢ - ﴿قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلّهِ﴾ الله تعالى وحده المتفرّد والمتصرف بخلق السماوات والأرض ﴿كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ كتب على نفسه الرحمة في خلقه، فمن رحمته إفاضة نعمه على مخلوقاته ظاهرة وباطنة، انظر الآية (٥٤)﴾، وأيضا آية الأعراف: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:

٧/ ١٥٦]، وفي الحديث: «قال الله تعالى: سبقت رحمتي غضبي»، ومن رحمته تعالى أنه يمهل ولا يعاجل بالعقوبة، ويؤخّر إلى يوم الحساب كما في تتمة الآية:

<<  <  ج: ص:  >  >>