للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٩ - وعلى النقيض من إعطاء الصدقات والمعونات، هنالك من يأكل الربا:

﴿وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً﴾ ما جئتم به من ربا ﴿لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ﴾ ليزيد في أموال المرابين ﴿فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ﴾ بل على النقيض من ذلك، يمحق الله الربا فلا يبارك به، ويربي الصدقات، انظر [البقرة ٢٧٦/ ٢]، ﴿وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ﴾ ما أعطيتم من الزكاة، ومن الصدقات غير الزكاة المفروضة ﴿تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ﴾ وليس منّة، ولا رئاء الناس ﴿فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ الذين تتضاعف أموالهم وحسناتهم، انظر [البقرة ٢٦١/ ٢]، وفي حين أن القرآن الكريم يحرّم بتاتا كلّ زيادة غير مشروعة على القروض التي قد يقرضها طرف لآخر لأي غرض من الأغراض، ويطلق على الزيادة اسم الربا، فالقرآن لم يتطرّق إلى الفرق بين المواد العينية المقترضة، وبين قيمتها المتغيّرة من النقود.

وحتى الآن لم يتمكن علماء المسلمين من التوصل إلى إجماع مطلق حول تعريف الربا ضمن المتغيرات الاقتصادية الحديثة، وضمن النظريات والمعطيات الاقتصادية المتغيرة باستمرار، وخاصة تعريف الربا في مقابل تعريف نسب الفوائد المصرفية، ونسب التضخم السنوية في قيمة النقود الورقية، وهل المقصود بالربا اليوم (الربا الفاحش) الذي تفوق نسبته نسب التضخم النقدية قليلا أو كثيرا؟ أو تفوق نسب الفوائد المصرفية المفترض أنها تعوّض التضخّم؟ وهذا جزء من التحدّي الكبير الذي يواجه علماء المسلمين من الاقتصاديين لحل هذا الإشكال في العصر الحاضر.

﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ (٤٠)

٤٠ - ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ﴾ بيان الرزق بعد الخلق بالدرجة الأولى يأتي بعد أن أوجبت الآيات (٣٧ - ٣٩) الزكاة والصدقات، ونهت عن الربا ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ بحلول آجالكم الدنيوية ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ يبعثكم يوم القيامة ﴿هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ بل لا يقدرون على أي

<<  <  ج: ص:  >  >>