للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العملية للحرب إعلاء لكلمته تعالى، والتجائكم إليه ورجائكم نصرته ﴿بَصِيراً﴾ بأحوالكم، فأيّدكم بنصره بعدما أعددتم للأمور عدّتها.

﴿إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا﴾ (١٠)

١٠ - ﴿إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ جاءت بنو غطفان، ومن تابعهم من قبائل نجد وبنو النضير وبنو قريظة، من أعلى الوادي بالجهة الشمالية الشرقية للمدينة ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ جاءت قريش ومن تابعها من قبائل الحجاز وأهالي تهامة الساحلية، من أسفل الوادي بالجهة الجنوبية الغربية للمدينة، والخلاصة أن العدو أحاط بالمسلمين من كل جنب ﴿وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ﴾ أبصار المؤمنين مالت وانحرفت عن مستوى نظرها حيرة ودهشة ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ﴾ خافت خوفا عظيما كأنها تحرّكت من مواضعها لتخرج من الحناجر ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا﴾ ظنونا كثيرة، فظنّ المخلصون الثابتون في أرض المعركة أن ينجز الله وعده لهم بالنصر، وظنّ البعض أن يمتحنهم تعالى فتزلّ أقدامهم ولا يتحمّلون ما نزل بهم، وظنّ المنافقون والذين في قلوبهم مرض أنّ محمدا وأصحابه سوف يستأصلون، كما سوف تبيّن الآيات التالية.

﴿هُنالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً﴾ (١١)

١١ - ﴿هُنالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ اختبرهم الله تعالى بظهور أعمالهم من النوايا إلى التنفيذ ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً﴾ لقلّتهم وكثرة الأعداء، اضطربوا اضطرابا شديدا من شدة الفزع.

﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً﴾ (١٢)

١٢ - ﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ من المذبذبين أنصاف المؤمنين ﴿ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ﴾ من الظفر وإعلاء كلمة الإسلام ﴿إِلاّ غُرُوراً﴾ وعد غرور، أي قولا باطلا يغرّنا ويوقعنا فيما لا طاقة لنا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>