للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرازي: "هذه الآية تدل على أن التقليد غير كاف في الدين، وأنه لا بد من النظر والاستدلال، لأنه لو كان التقليد كافيا لوجب عدم إمهال الكافر فيقال له إمّا أن تؤمن كما نؤمن وإمّا أن نقتلك، فلما كانت الآية تحرّم ذلك، بل أوجبت إمهال الكافر حتى يسمع كلام الله، كما أوجبت علينا أن نبلغه مأمنه، ممّا يدل أن التقليد في الدين غير كاف، وأن لا بد من الحجة والدليل، والإمهال لأجل التفكر".

﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اِسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ (٧)

٧ - ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ﴾ استفهام إنكار مع التعجب، والخطاب للمؤمنين الذين جبلوا على الوفاء بالعهود، إذ كان بعضهم عرضة لتشكيك المنافقين في موضوع نبذ عهود المشركين، والمعنى: بأية صفة وأية كيفية يثبت للمشركين، ناقضي العهود، عهد عند الله ورسوله؟! والحال أنهم يتربصون بالمؤمنين كما ستبين الآيات التالية ﴿إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ أي بجوار المسجد الحرام عند الحديبية، وهم بعض بني بكر من كنانة ممّن لم ينقضوا العهد الذي كان بين النبي وبين قريش يوم الحديبية ﴿فَمَا اِسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ تأكيد على المبدأ الإسلامي بوجوب الوفاء بالعهد مع المشركين وغيرهم ما داموا ملتزمين به ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ الذين يتقون الغدر ونقض العهود.

﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ﴾ (٨)

٨ - ﴿كَيْفَ﴾ استمرار الخطاب من الآية السابقة بعد عبارة الاستثناء المعترضة، والتقدير: كيف يثبت للمشركين، ناقضي العهود، عهد عند الله ورسوله؟! والحال أنهم يتربصون بكم ﴿وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾ إن تكن لهم الغلبة عليكم ويظفروا بكم ﴿لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً﴾ الإلّ هو العهد أو الحلف

<<  <  ج: ص:  >  >>