١٢١ - ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اللهِ عَلَيْهِ﴾ كالذبائح التي تذبح للأوثان والأصنام والطواغيت ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ والحال أنها - أي الذبائح - فسق، أهلّ بها لغير الله، لقوله تعالى: ﴿أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ﴾ (١٤٥)، فيكون النهي في الآية مختصّا بالفسق فقط، أي ما أهلّ لغير الله به، ولقوله ﷺ:«ذكر الله على قلب كل مؤمن من سمّى أو لم يسمّ».
﴿وَإِنَّ الشَّياطِينَ﴾ من شياطين الإنس والجن ﴿لَيُوحُونَ﴾ يوسوسون ﴿إِلى أَوْلِيائِهِمْ﴾ من المشركين ﴿لِيُجادِلُوكُمْ﴾ في الحلال والحرام ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ﴾ في استحلال الحرام وتحليل الحرام، وفي إحلال القوانين الوضعية محل الشرائع الدينية ﴿إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ لأن من يفضل قوانين البشر على شرع الله يثبت حاكما غير الله تعالى فيصير مشركا، كما أنّ من يرضى بالذبائح التي ذبحت على الأصنام والأوثان فقد رضي بزعم ألوهيتها ممّا يوجب الشرك، ومثال ذلك كثير.
١٢٢ - ﴿أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ﴾ شرح للآية السابقة، وقد شبّه تعالى الكافر بالميت، والهداية بالإحياء، لأن مدارك الكافر محدودة إما بسبب طغيان المادة عليه، أو لضيق أفقه، أو لجهله، أو لإعجابه برأيه، أو لغفلته، أو لكل ذلك معا، فهو أسير هواه، والحقيقة غائبة عن وعيه، لأنه حجر عقله على الجمود والتقليد، فإذا اهتدى صار حيّا، متفتح الذهن، عقلانيا، وصار على بيّنة من حقيقة الدنيا والآخرة ﴿وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّاسِ﴾ وهو نور القرآن الكريم، يهتدي به، فتطمئن به نفسه، ويكون واثقا منها، فيهدي به غيره ﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها﴾ بالمقارنة مع الذين يتخبطون في ظلمات الجهالة، وقد فسدت فطرتهم، وعقولهم قاصرة عن إدراك الحقيقة