للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لا يستطيع الإنسان - مهما بلغ - أن يحيط بأسراره: ﴿ثُمَّ اِرْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ (٤)

ومع ذلك فشياطين الإنس ترجم بالغيب زاعمة أنّها تعتمد على النجوم، أو تظن أن بإمكانها الإحاطة بأسرار الكون بالتنجيم: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ﴾ لكن الرجم بالغيب يؤدي بصاحبه لأسوأ العواقب: ﴿وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ﴾ (٥)

والزعم بمعرفة الغيب والمستقبل من النجوم - ما لا يعلمه إلا الله وحده - بمثابة كفر: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ﴾ (٦ - ٧)

وأن جهنم تكاد تميّز من الغيظ لبلادة الكفار وعجزهم عن الإفادة من مداركهم العقلية ما أدّى بهم إلى ورودها: ﴿تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ (٨) فقد زعموا في دنياهم أن لا حقيقة في الوحي الإلهي.

واتهموا رسلهم بالضلال: ﴿قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ﴾ (٩)

فلم يدركوا أهمية السماع للرسل والوحي وقيمة العقل إلاّ بعد فوات الأوان: ﴿وَقالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ﴾ (١٠)

ولم يفدهم الاعتراف بالذنب بعد كشف الحجب: ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ﴾ (١١)

في حين أن استخدام العقل على الوجه الصحيح يقود صاحبه يقينا بأن هنالك مغزى وراء الخلق، ومن ذلك تتالي بعث الرسل وتنزّل الوحي الإلهي عليهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>