للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصل الفيضان الذي تزرع به ضفافه ﴿يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ﴾ السنين العجاف تأكل مخزون سنوات الخير، وإسناد الأكل إلى السنين مجاز، والمعنى يأكل الناس خلال سنوات القحط ما تم ادخاره في سنوات الخير ﴿إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تُحْصِنُونَ﴾ ما تدخرونه لأجل البذور، واشتقاقه من الحصن أو الحرز، فهذه السنين السبع من الجدب والقحط هي تأويل البقرات السبع العجاف، حيث يتم خلالها استهلاك محاصيل السنوات السبع الوفيرة، وكل سنبلة من السنبلات السبع اليابسة تستهلك واحدة من السنبلات السبع الخضر من ادخار سنوات الخير.

﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ (٤٩)

٤٩ - ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النّاسُ﴾ فيفيض النيل بهطول الأمطار في أعاليه، وتزرع السهول على ضفتيه وتكثر الخيرات ﴿وَفِيهِ﴾ أي في العام الثامن ﴿يَعْصِرُونَ﴾ ما شأنه أن يعصر كالزيتون والعنب والقصب والسمسم والفواكه لكثرة المحصول، والإخبار بهذه الخاتمة بالتفصيل زيادة من عند يوسف لا علاقة لها بتأويل الرؤيا، وقد يكون علمها من الوحي.

﴿وَقالَ الْمَلِكُ اِئْتُونِي بِهِ فَلَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ (٥٠)

٥٠ - الواضح أن الساقي أخبر الملك وملأه تأويل يوسف للرؤيا فاستحسنه الملك وطلب حضوره: ﴿وَقالَ الْمَلِكُ اِئْتُونِي بِهِ﴾ لأسمع منه شخصيا فمثل هذا الرجل العالم جدير أن أعرفه ﴿فَلَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ﴾ وبلغه أمر الملك بالحضور ﴿قالَ اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ﴾ إلى سيّدك الملك ﴿فَسْئَلْهُ﴾ قبل شخوصي إليه ﴿ما بالُ النِّسْوَةِ اللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ ما حقيقة أمرهنّ معي؟ قاله تلميحا لا تصريحا، أي ليستطلع الملك الموضوع ويعرف براءتي بنتيجة التحقيق سلفا، حتى لا يكون خروجي من السجن مع ثبوت تهمة باطلة ضدي تشوه سمعتي وتبقى سيفا مصلتا فوق رقبتي، وأنا لا أقبل الخروج على سبيل العفو الملكي عن تهمة أنا بريء منها ﴿إِنَّ رَبِّي﴾ الله تعالى ﴿بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ فحسابهنّ على الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>