للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (١٤)

١٤ - ﴿قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ الإنظار هو التأخير، والمعنى أنّ إبليس طلب إمهاله في الحياة إلى يوم البعث، والانظار ليس فقط في الزمن، وإنما في إعطائه الفرصة كي يستمر في تمرده ومحاولته إغواء البشر، والمحصّلة من تمرد إبليس كون الإنسان على استعداد للشر، إلى جانب استعداده للخير.

﴿قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ (١٥)

١٥ - ﴿قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ أجابه تعالى إلى طلبه، وفي سورة الحجر حدد تعالى المهلة: ﴿إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر ٣٨/ ١٥]، والمغزى من إنظار إبليس أن يكابد الإنسان وساوسه، فيتمكن من حرية اتخاذ القرار، وما في ذلك من تكريم له، ورفعه إلى مستوى المخلوقات الأدبية،

﴿قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (١٦)

١٦ - (قال) إبليس ﴿فَبِما أَغْوَيْتَنِي﴾ بسبب وقوعي في الغيّ لأجتهدنّ في إغوائهم، ونسب الإغواء إليه تعالى لأنّ من سننه أن يكون الغيّ نتيجة لازمة للمعصية، والغيّ هو الخيبة أو الضلال أو الفساد ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ خاب إبليس وأحبط بنتيجة معصيته، انظر الآية (١٣)، وهو في النتيجة سيقعد بالمرصاد لإضلال من يستطيع من الناس،

﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ﴾ (١٧)

١٧ - ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ بأساليب واضحة ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ وبأساليب خفيّة ﴿وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ﴾ لأجتهدنّ في إضلالهم من كل الجهات الممكنة، وهي جهات معنوية، وبجميع الوسائل الممكنة، فمغريات الشر محيطة بالناس من كل جانب ﴿وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ﴾ أكثرية الناس على الجحود، لا تشكر الله ولا تؤدي حق النعم، وقد أعطى الله تعالى البشر إرادة

<<  <  ج: ص:  >  >>