٧٦ - ﴿فَبَدَأَ﴾ المؤذّن البحث ﴿بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ﴾ أي قبل البحث في وعاء أخي يوسف، لأن بنيامين بدا صغير السن بريئا بعيدا عن الشك خلافا لمظهر باقي أخوته العشرة ﴿ثُمَّ اِسْتَخْرَجَها﴾ أي السقاية أو الصواع ﴿مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ﴾ بنيامين ﴿كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ﴾ أي دبّرنا له هذا التدبير للوصول إلى هذه النتيجة، والكيد التخطيط، وهو هنا التدبير الإلهي الخفي، ممّا يدلّ أن يوسف - على الرغم من محبته الشديدة لأخيه بنيامين - لم يكن يخطط لهذه النتيجة ولم يكن يتوقعها فقد كان يعلم أن على أخيه الصغير العودة مع باقي إخوته إلى أبيه المكلوم، ثم إنه لم يعلن حقيقة وضع الصواع في وعاء أخيه لأنه لم يرغب كشف هويته لإخوته العشرة حتى حين وإلى أن ينفضح غلهم وحسدهم له كما سيرد في الآية التالية ﴿ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ ما كان بإمكان يوسف احتجاز أخيه على هذا النحو لأن شريعة الملك توجب الحبس والعقاب للسارق، ولكنه التدبير الإلهي أن ألزم الإخوة أنفسهم سلفا بما تفرضه شريعتهم ﴿إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ﴾ فيهييء الأسباب لما يريد ﴿نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ﴾ رفعه بالعلم والتقوى حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ﴾ من أولئك المرفوعين ﴿عَلِيمٌ﴾ لا يحيطون بعلمه إلا بما شاء.