للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون فردا واحدا أو أفرادا بعينهم بل المجتمع بأسره إذا استمر في التستر عليه، وفي الحديث: «اذكروا الفاسق بما فيه كي تحذره الناس».

ويحتمل المعنى: إلا جهر من وقع عليه الظلم لكي يدافع عن نفسه، والمعروف أن الجهر بالسوء يساعد على انتشاره بين الناس يقتدي بعضهم ببعض، والعوام تقلد الخواص، ويتجرأ الناس على ارتكاب الفواحش والمنكرات إن علموا أنّ لهم قدوة سابقة فيها، فيقل استبشاعها واستغرابها في النفوس ﴿وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً﴾ فلا يجوز المبالغة في الجهر المسموح به (الرازي).

﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً﴾ (١٤٩)

١٤٩ - ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً﴾ بعد أن بيّن تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول بغير عذر الظلم، بيّن حكم إبداء الخير وإخفائه، وحكم العفو عن السوء، وهو أن فاعلي الخيرات قولا وعملا، جهرا أو سرّا، والعافين عن المسيئين إليهم، يجزيهم تعالى من جنس أعمالهم فيتجاوز عن سيئاتهم ويثيبهم على عمل الخير فهو تعالى عفوّ قدير.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً﴾ (١٥٠)

١٥٠ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ﴾ لأن إنكار الوحي الذي نزل على الأنبياء هو كفر بالله ﴿وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ﴾ يدّعون الإيمان بالله تعالى ويكفرون برسله وينكرون الوحي ﴿وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾ كالمشار لهم بالآية (١٣٦)﴾، فاليهود يكفرون بالمسيح ومحمد ، والمسيحية تكفر بمحمد ﴿وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً﴾ أي يتخذون طريقا بين الإيمان بالله، والإيمان برسله، بفصل أحدهما عن الآخر، أو الإيمان ببعض الرسل دون غيرهم، فهم ينكرون أن النبوات قد نزلت على البشرية وتسلسلت بشكل منطقي حتى انتهت بخاتم الأنبياء والرسل محمد ، وفي ذلك عودة إلى موضوع المنافقين والكافرين المشار لهما آنفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>