٨١ - ﴿وَيَقُولُونَ طاعَةٌ﴾ وهم المنافقون أو ضعاف النفوس وضعاف الإيمان كانوا يقولون للنبي ﷺ: أمرك طاعة، وذلك غير مقتصر على معاصري النبي فقط، بل يشمل جميع المنافقين وضعاف النفوس في كل العصور من المسلمين بالاسم فقط، ممّن يدّعون طاعة القرآن والسنّة ثم يبطنون غير ما يظهرون ﴿فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ﴾ أي خرجوا من عندك أيها النبيّ ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ أي بيّتوا في نفوسهم أمورا غير ما ادّعوه من طاعتك - وحذفت تاء التأنيث من «بيّت» لتخفيف التقاء التائين مع الطاء - ﴿وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ﴾ في صحائف أعمالهم فحسابهم على الله، ويبيّن لك أيها الرسول سوء نواياهم بمثل هذه الآيات ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ أيها النبي، فلا يجوز قتالهم لأنهم يظهرون الإسلام، وإن كانوا يبطنون الكفر ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً﴾ فوّض أمرك إليه تعالى فهو محيط بظاهر أعمالهم وباطنها، وهو ناصرك عليهم.
٨٢ - ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ أي كيف لا ينظرون في القرآن ويتفكروا فيه ويفهموه، والخطاب يشير إلى المنافقين وضعاف الإيمان المذكورين في الآيات السابقة، ومع ذلك فالآية ذات مغزى عام لكل العصور كما هي جميع آيات القرآن الكريم، وهي تدلّ أن تدبّر القرآن فرض على جميع المسلمين كلّ بحسب طاقته، وبالتالي فإن إتقان لغة القرآن واجب على كل مسلم، ويترتّب على ذلك بطلان التقليد الأعمى ووجوب النظر والاستدلال، ولا يمنع ذلك أن يختص أولوا الأمر من المسلمين باستنباط الأحكام العامة في السياسة والقضاء والإدارة كما