للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبوا إلى أبيهم الضلال: ﴿إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ لما اعتقدوه من واقع أفضليتهم وأحقيتهم بحبه، ويحتمل أنهم ظنّوا الخرف بأبيهم لتقدمه في السن فنسبوا إليه الضلال بزعمهم.

﴿اُقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اِطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ﴾ (٩)

٩ - ائتمروا فيما بينهم لما قوي حسدهم وبلغ منتهاه فوجدوا الحل في قتله:

﴿اُقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ فتتخلصوا منه ﴿أَوِ اِطْرَحُوهُ أَرْضاً﴾ الطرح رمي الشيء وإلقاؤه، ويقال طرحت الشيء أي أبعدته، والمعنى أبعدوا يوسف واتركوه في أرض نائية بحيث لا يعود منها، وعللوا ذلك بقولهم: ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ فلا يتوجه إلى أحد غيركم، أي إذا افتقد الأب يوسف بعد أن شغفه حبا لم يجد بدّا من التفرغ لإخوته الباقين ﴿وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ﴾ أي من بعد ذهاب يوسف ﴿قَوْماً صالِحِينَ﴾ أي تتوبون إلى الله من فعلتكم الشنيعة وتكفّروا عنها فيرضى عنكم أبوكم ويرضى ربكم، وهذا من وسواس الشيطان أنه يزيّن للناس سوء أعمالهم، والمغزى أن أمثال هؤلاء الناس يظنون أن بمقدورهم الجمع بين التقوى والصلاح من جهة وبين اقتراف الجريمة والسلوك الأناني من جهة ثانية، إذ يقومون بتعطيل متطلبات الأخلاق والشرع مؤقتا ريثما يمررون مآربهم الشريرة، ثم يقنعون أنفسهم أن الإثم مؤقت اضطروا لارتكابه للوصول إلى هدف هام ثم يتوبون بزعمهم، وهذا الداء يسري في عروق الكثير من الناس.

﴿قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ﴾ (١٠)

١٠ - ﴿قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ﴾ أبهمه القرآن لعدم وجود فائدة أو عبرة من معرفته، وإنما الفائدة في وصفه أنهم لم يجمعوا على الجريمة، وأنه وجد منهم من استهول القتل ﴿لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ وتكرار القائل لاسم يوسف - دون ضميره - لاستجلاب شفقتهم عليه واستعظام قتله وهو هو، ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>