﴿وكيف يأملون التوصّل إلى السعادة بمحاولة نقض الحقيقة الغيبية: ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ (٣٨)
وإن الله الذي خلقهم من تراب قادر على إبدال الكفار بمؤمنين، ولكن الحكمة الإلهية اقتضت حرية البشر في الدنيا، وتحدّي الباطل للإيمان، والإيمان للباطل: ﴿كَلاّ إِنّا خَلَقْناهُمْ مِمّا يَعْلَمُونَ﴾ خلقهم تعالى من تراب ثم رفعهم إلى منزلة المخلوقات المسؤولة معنويا وأدبيا ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ * عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ (٣٩ - ٤٢) فهم يخوضون ويلعبون بفلسفة أن الكون لم يخلق بل وجد من تلقاء نفسه، وينكرون الآخرة بلا دليل يقيني ولا هدى ولا كتاب منير.
والإشارة للمشارق والمغارب دليل على كروية الأرض، لأن كل خط من خطوط الطول يكون مشرقا أو مغربا في وقت من الأوقات كل أربع وعشرين ساعة.
ثم لا يلبث الكافر أن يلاقي جزاءه في اليوم الموعود: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ﴾ (٤٣ - ٤٤) وهي النقطة التي بدأت منها السورة.