من الرسل يبيّنون لهم طريق الحق ﴿ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ مسرفون في المعاصي، وخاصة القتل، رغم مجيء رسلهم لهم بالبيّنات - وفي الآية التالية بيان جزائهم على ذلك -، وكانوا يقتلون الرسل قبل غيرهم من الناس.
٣٣ - استمرار الخطاب، فبعد أن ذكر تعالى عصيان بني إسرائيل ونقضهم الميثاق وخيانتهم وتمردهم على موسى ﵇، وحسدهم النبي ﷺ ومحاربتهم له، وإسرافهم في قتل الأنبياء، بيّن تعالى في الآية التالية ما حلّ ويحلّ بهم من التقتيل والتنكيل في الحياة الدنيا جزاء لهم على ذلك، بموجب سننه تعالى في خلقه، فقال جلّ شأنه:
﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ المقصود الذين يحاربون الله ورسله، لأنّ الرسول في هذه الحالة اسم جنس للرسل ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً﴾ وهم اليهود، لأن الكلام من الآية (٢٠) حتى الآية (٣٤)﴾ متصل، وهو عنهم، ولقوله تعالى في الآية المتقدمة: ﴿أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ،﴾ وجزاؤهم: ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ الواضح أن الآية لا تهدف إلى تشريع القتل أو الصلب، أو تقطيع الأيدي والأرجل من جهات مختلفة لمن يحاربون الله ورسله، وإنما تكنّي الآية عن واقعهم