للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿الظّالِمُونَ﴾ الظالمون في هذا الموضع الزناة لأنهم يظلمون أنفسهم وغيرهم، فلا يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة.

﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (٢٤)

٢٤ - ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ﴾ الهمّ القصد، والمعنى همّت به لتقهره على ما أرادت معه من المخالطة، ويحتمل المعنى إنها همّت بضربه بعد أن راودته عن نفسه فاستعصم بدليل قولها بعد ذلك: ﴿وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ (٣٢)، وقولها: ﴿أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ﴾ (٥١)، ﴿وَهَمَّ بِها﴾ من جهته ليدفعها عن نفسه ويمنعها مما أرادت، وربّما همّ بضربها أيضا، إذ يقال هممت بفلان أي بضربه ودفعه، بدليل قوله بعدها: ﴿السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ (٣٣)، فما همّت به من قهره على المخالطة غير ما همّ به من دفعها، ولو كان همّه كهمّها لما مدحه تعالى بأنه من عباده المخلصين ﴿لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ﴾ وهو استبصار واستحضار ما عنده من العلم الدال على تحريم مراودتها له، وهو أيضا ما منعه من إيذائها فيما همّ به من دفعها وضربها، لأنه لو فعل لكان في ذلك ما يوجب هلاكه عند العزيز، وأيضا لو انشغل بالضرب أو الإيذاء لربّما تعلقت بقميصه فيتمزق من الأمام ويصبح ذلك حجة عليه بدلا من براءته ﴿كَذلِكَ﴾ إشارة إلى تثبيته بما رأى من برهان ربّه، أي مثل ذلك التثبيت ثبتناه ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ﴾ من خيانة العزيز ﴿وَالْفَحْشاءَ﴾ من الزنى ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ الذين أخلصهم الله لطاعته،

﴿وَاِسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (٢٥)

٢٥ - ﴿وَاِسْتَبَقَا الْبابَ﴾ تسابقا إلى الباب - بحذف حرف الجر وهو كثير في التنزيل - هو يريد الخروج والهرب وهي تريد منعه من فتح الباب ﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ﴾ أي قطعته على الطول وهي تجري وراءه متمسكة بقميصه ﴿وَأَلْفَيا﴾ وجدا ﴿سَيِّدَها﴾ وهو العزيز زوجها، فالمرأة تخاطب زوجها بلقب:

<<  <  ج: ص:  >  >>