﴿تبدأ السورة بالإشارة للكتاب المبين الذي جعله تعالى قرآنا عربيا لعل العرب الذين هم واسطة الوحي، والناس من بعدهم، تعمل عقولها في مضمونه: ﴿حم * وَالْكِتابِ الْمُبِينِ * إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (١ - ٣)،
وأن القرآن الكريم من منبع الوحي وأصله، وأنه عال على الكتب المنزلة قبله كونه ناسخا لها ومهيمنا عليها، انظر آيات [البقرة / ١٠٦٢] و [المائدة / ٤٨٥]، وقيل علوّه في علوّ المنزلة التي يمكن للإنسان أن يصل إليها من خلاله، وهو أيضا حكيم أي محكم، أو ذو حكمة بالغة: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ (٤)،
ولذا فإنه تعالى لم يكن ليدع الناس يتخبطون في ضلالهم وإسرافهم دون إنزال القرآن عليهم فيدلّهم على الطريق السوي: ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ﴾ (٥)،
وأن القرآن الكريم لم يكن أول الرسالات السماوية: ﴿وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ﴾ (٦)
إذ طالما بعث الله تعالى الرسل إلى الناس فكان دأبهم الاستهزاء بهم كما يفعل العابثون في كل وقت بدلا من التعقل والتفكير بمضمون الرسالة: ﴿وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ (٧)
فكان أن نزل الهلاك بمن هم أشد بطشا من المكذّبين المشار لهم بالآية ٥ وكانوا عبرة لمن يعتبر: ﴿فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾ (٨)
وأنّ أكثر الضالّين مقرّون بأنّ الله خالق الكون، ولكن مشكلتهم تكمن في الشرك، انظر آية [يوسف / ١٠٦١٢]، في حين أنّ إقرارهم بأن الله وحده خالق