لديهم أدنى خوف من الحشر يوم القيامة ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ لكي يعلموا أنّ نجاة الإنسان إنّما تكون بإيمانه وعمله الصالح، وليس بالاعتماد على الشفاعة، أو توهّم الانتفاع بصلاح الغير ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ سوء العاقبة في الدنيا والآخرة.
٥٢ - ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ أي إنهم مواظبون على الصلاة، يريدون وجه الله فقط لا لغرض دنيوي، والإشارة إلى نوعين من الناس:
أولا: ضعاف المؤمنين وفقرائهم، والمعنى لا تطردهم أيها الرسول - أو أيها المسلم - ولو كره المترفون، ولو كان وجهاء المشركين يحتقرون الفقراء وينظرون إلى ضعاف الناس الذين سبقوهم إلى الإيمان نظرة دونيّة، فالوجهاء يعتبرون أنفسهم معذورين في التولّي عن الرسول، لأنهم لا يريدون مساواة أنفسهم بالفقراء، ظنّا منهم أنهم أعلى قدرا وأسمى فكرا، فعندما دعاهم الرسول إلى الإيمان: ﴿قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ﴾ [البقرة: ٢/ ١٣]، وقد كان هذا دأب المترفين مع رسلهم من قبل، قال تعالى: ﴿وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها إِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ﴾ [سبأ: ٣٤/ ٣٤].
ثانيا: بما أن الآية استمرار لما قبلها، والكلام على الذين لديهم أدنى خوف من الحشر إلى ربهم من مسلمين وغير مسلمين، فيكون معنى الآية أيضا النهي عن إقصاء أي مؤمن بالله مواظب على الدعاء - حتى لو لم تكن عقائده وأفكاره مطابقة للقرآن تماما - بل على العكس من ذلك يجب استيعاب أمثال هؤلاء والحوار معهم، ومساعدتهم وشرح الحقائق القرآنية لهم بدلا من نبذهم واستعدائهم، وهذا المعنى يصح بغض النظر عمّا يقال من مناسبة النزول، لأن