للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوهم الزائل ﴿أَلا لَهُ الْحُكْمُ﴾ حصرا وليس لأحد غيره، ولا شريك له ﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ﴾ لأن حساب الإنسان يجيء معه، قال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً * اِقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾ [الإسراء: ١٧/ ١٣ - ١٤].

﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ (٦٣)

٦٣ - ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ أي من الأهوال والمخاطر والشدائد، وسمّيت ظلمات مجازا، و ﴿يُنَجِّيكُمْ﴾ بالتشديد لتكرار ذلك المرة بعد المرة ﴿تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً﴾ خلال الشدّة تدعون الله تضرّعا أي مبالغين في الدعاء والخضوع والذل لله تعالى، تارة جهرا وتارة سرّا بعيدا عن الرياء ﴿لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ عند الشدائد تقرّ الفطرة السليمة بأنه لا ملجأ إلاّ الله.

﴿قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ (٦٤)

٦٤ - ﴿قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ﴾ من كل شدّة ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ لأن الإنسان بعد سلامته ونجاته إلى الأمن والرفاهية يحيل أسباب ذلك إلى مهارته وإلى حوله وقوّته، أو إلى الظروف والصدف.

﴿قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ اُنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ (٦٥)

٦٥ - ﴿قُلْ هُوَ الْقادِرُ﴾ وحده ﴿عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ أي بأي وسيلة من الوسائل كالأعاصير والزلازل، وإبهام العذاب مراد لأجل الشمول، وحكمته أنه ينطبق على كل الظروف والحالات التي قد تكون خافية على الناس في وقت من الأوقات، وفي هذا العصر يأتي

<<  <  ج: ص:  >  >>