للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجة لنا بغيره، والمعنى أنهم صامدون في ضلالهم لدرجة أنهم لن يغيروا من قناعاتهم مهما جاءهم من براهين، ومثل هذا القول سمة مشتركة لذوي التعصب الأعمى الذين يسيطر على عقولهم التحامل والتحيّز المسبق، وهو ما يتبجّحون بأنها قناعات يتمسّكون بها لمجرّد أنهم توارثوها، بغضّ النظر عن البراهين الحاسمة بزيفها، وهو المشار إليه بقوله تعالى ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ أي بسبب كفرهم، لأن الكفر هو التغطية، فهو يحجب الحقيقة عن صاحبه، ويمنعه من التفكير الموضوعي ويعمي بصيرته فيبتعد عن رحمة الله، وهو معنى اللعنة ﴿فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ﴾ قليلا ما يؤمنون بالصواب، لأنّ معتقداتهم متمحورة ومنغلقة حول أنفسهم، ويحتمل المعنى أيضا أنه لا يؤمن منهم بخاتم الأنبياء والرسل المذكور في كتبهم إلا القليل، فيظلّون بانتظار غيره أبد الدهر.

﴿وَلَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ (٨٩)

٨٩ - ﴿وَلَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ وهو القرآن الكريم ﴿مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ﴾ لما تبقى معهم من الوحي انظر شرح الآية (٤١)﴾ وآية [آل عمران ٣/ ٣] وآية [المائدة ٥/ ١٣]، ﴿وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قبل بعثة النبي كان اليهود يتوقعون ظهور النبي المنتظر، المذكور في كتبهم، بفارغ الصبر وكان يقول بعضهم لبعض: ليضطهدنا الناس الآن فعندما يأتي نبيّنا المنتظر سوف نسوّي حساباتنا معهم ﴿فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ كانوا ولا زالوا يعتقدون أن النبوة حكر عليهم، فلمّا جاءهم النبي المنتظر من بني إسماعيل محققا النبوءات المذكورة عندهم كفروا به، انظر كتاب «محمد في الكتاب المقدس «للبروفسور عبد الأحد داوود، سابقا كبير الكهنة الكلداني دافيد بنجامين، يفصل فيه نبوءات كتب اليهود والنصارى عن قدوم النبي الأحمد ﴿فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ الكافرين الذين يغطون الحقيقة عن أنفسهم، لأن هذا هو معنى الكلمة كما في قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>