١٩١ - ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ﴾ يواظبون على ذكر الله في كل الحالات بلا فتور ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ فيكون الذكر ليس باللسان فقط ولكن بالقلب والفكر معا، وبالمقابل فإنّ الفكر وحده لا يكتمل ولا يكون نافعا إلاّ مع ذكر الله لأنّ هذا هو الغرض منه، أي إن التفكر في الخلق والمخلوقات يوصل إلى معرفة الحقيقة وإلى الإيمان، فيقول المؤمنون: ﴿رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً﴾ المعنى أن الخلق والمخلوقات لم توجد عبثا أو مصادفة فهنالك حكمة بالغة من خلقها وإن عجزت العقول عن معرفتها ﴿سُبْحانَكَ﴾ تنزيها له تعالى عن العبث، وإقرارا بعجز العقول عن الإحاطة بالحكمة الإلهية من الخلق ﴿فَقِنا عَذابَ النّارِ﴾ أي لا تجعلنا من الكافرين أو الغافلين أو الضالين عن الحقيقة فيكون عقابنا نتيجة طبيعية لذلك.
١٩٢ - ﴿رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ استمرار دعاء المؤمنين والمعنى أنّ من لم يرشده عقله وتفكيره إلى الحقيقة والإيمان فقد استحق الخزي بضلال فكره ﴿وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ﴾ لأنّه لا حكم إلاّ لله، والظالم إطلاقا هو الكافر، لقوله تعالى: ﴿وَالْكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢/ ٢٥٤]، لأنهم ظلموا أنفسهم بإنكار الحقيقة.