للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يبلغون فيه سن النكاح فإن وجدتم منهم رشدا بعد البلوغ فادفعوا إليهم أموالهم، وإلاّ فاستمرّوا في اختبارهم إلى أن تجدوا منهم رشدا، ويلاحظ تنكير كلمة الرشد في الآية، وقيل المقصود من ذلك إيناس شيء من الرشد ينافي هدر المال، والمعنى إن آنستم منهم رشدا ما، وفيه تحقيق لما ورد بالآية السابقة ﴿وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا﴾ لا تأكلوها مسرفين إسرافا، ولا تبادروا بدارا لأكلها قبل أن يكبروا، قائلين لأنفسكم ننفق منها كما نشتهي قبل أن يكبروا فينتزعوها من أيدينا ﴿وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ لأن الغني غير محتاج لمال اليتيم فعليه أن يعف ويترفع عن الأكل منه ﴿وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ للفقير المحتاج أن يأكل بالمعروف أي بما يسد الضرورة من حاجته ويكون ذلك بمثابة القرض إذا أيسر قضاه وإن مات ولم يقدر على السداد فلا شيء عليه ﴿فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾ الإشهاد تحقيقا لوقوع الدفع ومنعا لاحتمال الخصومة والمقاضاة ﴿وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً﴾ أي إنّ الإشهاد وإن حصل بحيث يسقط الدعوى عند القاضي فهو لا يسقط الحق عند الله إن كان ولي اليتيم خائنا.

﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً﴾ (٧)

٧ - ﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً﴾ تبيّن هذه الآية عدة مباديء أولا: أن النساء ترث كما يرث الرجال، وثانيا: أنّ الإرث وإن كان قليلا فيجب توزيعه على الورثة من ذكور وإناث، وثالثا: أن الإرث يشمل جميع ما تركه الوالدان والأقربون من مال وعقار وزراعة وصناعة وغيرها، ورابعا: أنّ حقوق الميراث تجب بمجرد وفاة المورّث بلا انتظار، وخامسا: أن لكلّ من الورثة نصيب مفروض أي حق معيّن لا جدال فيه، كما سيرد تفصيله، والكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>