فإن أبيتم إلاّ العصبية والتقليد والحسد فلا فائدة من المجادلة لأنها صارت لمحض العناد والشغب ولا نضيع الوقت معكم سدى أمّا نحن فمنقادون للحق مستسلمون له وحسابكم على الله ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ﴾ كاليهود والنصارى ﴿وَالْأُمِّيِّينَ﴾ الذين لا كتاب لهم كمشركي العرب ﴿أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اِهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ﴾ وظيفة الرسول، وبالتالي كلّ مسلم، محصورة في التبليغ وأنّه ليس مسيطرا على الناس ولا جبّارا عليهم أو مكرها لهم على الإسلام ﴿وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ﴾ الله تعالى أعلم بالغيب، وبمن اهتدى، وبمن طمس قلبه وحصل اليأس من اهتدائه، وحساب الجميع على الله.
٢١ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ أي وهم على غير الحق، وهم اليهود وتشهد عليهم كتبهم بقتل الأنبياء قبل القرآن، إذ اعتادوا على الكفر بآيات الله وقتل الأنبياء منذ زمن موسى ﵇ إلى زمن النبي ﷺ، وقد نسب إليهم قتل النبيين باعتبار تكافلهم كأمّة، وليس كأفراد، ولجريان لاحقيهم على خطا سابقيهم، وقد تآمروا على قتل عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، واستخدام الفعل المضارع دليل على استمرار كفرهم وعنادهم وإصرارهم على جرائمهم، وقد سجّل بنو إسرائيل جرائمهم بالتفصيل في كتبهم التي يزعمون أنها مقدسة،
﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النّاسِ﴾ الذين يأمرون بالقسط هم الحكماء الذين يدعون إلى العدالة في الأفكار والأخلاق والتطبيق ولذا قيل إنّ منزلة هؤلاء تلي منزلة الأنبياء، وأمّا الأنبياء فدعوتهم بأساليب ثلاثة ذكرها تعالى بقوله: ﴿اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٦/ ١٢٥] فأسلوب الحكمة في الدعوة وهو طريق العقل