للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى التخلّص منه تدريجيا، وفي آيات عديدة من القرآن أوجب تكفير الذنوب بإعتاق العبيد [النساء ٤/ ٩٢]، [المائدة ٥/ ٨٩]، [المجادلة ٥٨/ ٣] وكما في أحاديث شريفة عديدة أيضا ﴿وَأَقامَ الصَّلاةَ﴾ على أكمل وجه ﴿وَآتَى الزَّكاةَ﴾ قلّما تذكر الصلاة في القرآن إلاّ مقرونة بالزكاة لأنّها تصديق لها ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا﴾ وهنا انتقال من البر في العمل إلى البر في الأخلاق الحميدة والمعاملات والوفاء بالعهود ﴿وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ﴾ البأساء هي الفقر، والضراء ما يضر الإنسان من مرض أو فقد محبوب من أهل ومال، وكلمة ﴿الصّابِرِينَ﴾ مفعول به منصوب على المدح، تقديرها: وأمدح الصابرين، أو أخص بالذكر منهم الصابرين ﴿وَحِينَ الْبَأْسِ﴾ البأس اشتداد الحرب، لأنّ الفرار من الزحف من أكبر الكبائر ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ صدقوا في الإيمان بأن قاموا بكل ما ذكرته الآية، وليس مجرّد الإيمان بأفواههم دون عمل ﴿وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ المتقون للأخطاء والمهالك وسوء الآخرة.

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اِعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (١٧٨)

١٧٨ - ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى﴾ بعد أن حدّدت الآية السابقة أنّ التقوى ليست عبادات فقط بل هي عمل أيضا، انتقل البحث في هذه الآية إلى تطبيقات حياتية ذات علاقة بسلوك الإنسان، فكما أنّ التقوى لا تتمّ من دون الأعمال الصالحة، فكذلك الاستقامة الفردية لا تتمّ ما لم يكن هنالك اتّفاق في المجتمع على الحقوق والواجبات الاجتماعية، أي أن يكون هنالك قانون عملي يضبط سلوك الفرد تجاه المجتمع والعكس، ولذا فإنّ التشريع يشغل حيّزا كبيرا في النظام الإسلامي، ونرى الآيات التشريعية متداخلة مع الآيات الغيبية، وبما أن سورة البقرة كانت أول ما نزل من الوحي في المدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>