للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ [٣/ ٥٠]، واختلاط الأمور عليهم فيما يظنون من عشوائية الأقدار وقسوتها وغياب العدالة الدنيوية: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾ [٥/ ٥٠]، ما لا يمكن فهمه إلا على خلفية الدار الآخرة، فالأمور لا تنتهي بموت الجسد، وبالتالي وجود مغزى من الخليقة: ﴿قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ﴾ [٤/ ٥٠].

[النظم في السورة]

﴿تدعو السورة لتدبر رسالة القرآن المجيد الذي لا يماثله كتاب في العلو والإعجاز: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ (١)

ورغم نزول القرآن المجيد الذي يخاطب العقول والإدراك السليم يتعجب الكفار من إنذارهم بواسطة رجل منهم، وتختلط عليهم الأمور، لأنهم يتوهمون أن الرسول يجب أن يكون فوق جنس البشر، والرسالة عندهم يلزم أن تكون معجزات مادية وشعوذات: ﴿بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ (٢)

وتهربا من مسؤوليتهم الأخلاقية يودّون استبعاد حقيقة البعث والحساب:

﴿أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ (٣)

مع أنّ الإنسان لا ينتهي بفناء الجسد كما يظنون: ﴿قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ﴾ بل إنّ عمل المرء في دنياه يسجّل له أو عليه: ﴿وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ﴾ (٤)

لكنّ هذه الحقائق اضطربت في أذهانهم واختلطت عليهم الأمور، لأن من ينكر الآخرة والحساب تداخله الحيرة في مغزى الحياة وما يظنّ من عشوائية الأقدار وقسوتها: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>