﴿يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ﴾ يتلو عليهم الوحي القرآني ويرشدهم إلى الآيات الكونية كي يتفكروا في معجزة الخلق ووحدانية الخالق ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ يطهّرهم من العقائد الفاسدة، لأنهم كانوا يعبدون الأوثان ويئدون البنات ويقتلون ويستغلون بعضهم بعضا، ويرتكبون المنكرات كما لو كان في عقولهم لوثة، فطهرهم من كل ذلك ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ﴾ وهو القرآن وعن طريقه تعلموا الكتابة، لأنه أمرهم بذلك ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ التفقه في الأحكام القرآنية والعمل بها، وهي السنة كما بيّنها الرسول ﷺ قولا وعملا ﴿وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ يتخبطون وفق أهوائهم في جاهلية عمياء.
١٦٥ - حمل الرسالة السماوية يتطلّب التضحية والإعداد من قبل المؤمنين:
﴿أَوَلَمّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ﴾ يوم أحد حيث قتل سبعون من أكابر المسلمين ﴿قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها﴾ يوم بدر حيث قتل سبعون مشركا وأسر سبعون آخرون ﴿قُلْتُمْ أَنّى هذا﴾ أي كيف حصل هذا؟ فقد كانوا يظنون أن مجرد كونهم مؤمنين خرجوا في سبيل الله، أو مجرد وجودهم مع النبي ﷺ، كاف لإحراز النصر ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ أي إنكم لم تتّبعوا أسباب النصر، فقد تخاذل الرماة وتنازعوا أمرهم وعصوا أمر قائدهم النبي ﷺ وتركوا مراكزهم، ثم لمّا باغت العدو جيش المسلمين من الخلف لم يثبت مع الرسول ﷺ إلاّ قلّة منهم، وانهزم الباقون لا يلوون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم، والعبرة من ذلك باقية لجميع المسلمين في جميع العصور أن الإيمان يجب أن يكون مقرونا باتخاذ الأسباب والسنن الدنيوية في الاستعداد والتخطيط والعمل والصبر واتقاء المعصية، لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ [آل عمران ٣/ ١٢٠]، وقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ﴾