١٧٥ - ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ اِشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى﴾ كأنّ رأس مالهم الهدى فتخلوا عنه واختاروا عليه المآرب الدنيوية العاجلة ﴿وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ﴾ لأنّ المتهالك على الدنيا في عذاب دائم فهو دوما في طلب المزيد ولا يقنع بشيء، عدا عذاب الآخرة الذي ينتظره، فكأنّه فضّل العذاب على مغفرة الله ﴿فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النّارِ﴾ أي ما أجرأهم على العمل الذي يقرّبهم إلى النار.
١٧٦ - ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ﴾ ذلك تشير إلى الحكم المذكور بالآيتين السابقتين هو بسبب أنّ الوحي نزل متضمنا بيان الحق ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ﴾ الذين أنكروا الكتاب أو كتموا بعضه أو رفضوا بعضه الآخر ﴿لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ﴾ بعيدون جدا من الصواب، وفي خصام كبير فيما بينهم فتراهم فرقا وشيعا كل منهم يبتكر من أفكاره الخاصة ما يظنه بديلا عن الكتاب، ومصداق ذلك ما نشاهده اليوم من تفرق أهل الكتاب شيعا بالمئات، كل كنيسة وفرقة منهم ذات عقيدة مختلفة عن الأخرى.