للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اِسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ (٢١٧)

٢١٧ - بعد أن فرض تعالى القتال على المؤمنين بيّن مشروعية القتال في الشهر الحرام ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾ أي هل يصح أن يكون فيه قتال ﴿قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ الجواب أن القتال فيه ذنب كبير بسبب حرمة الأشهر الحرم، ولكن يجب أحيانا ارتكاب أخف الضررين إن لم يكن بدّ من أحدهما ﴿وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ﴾ فالكفر وصدّ الناس عن الإسلام وعن الحج والعمرة في المسجد الحرام وإخراج المسلمين منه، كل ذلك أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام، وهذه الآية تقرأ مع آيات [البقرة ٢/ ١٩٠ - ١٩٤] و [الحجّ ٢٢/ ٣٩]، ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ الاضطهاد والظلم ومنع حرية العبادة أشنع من القتل ﴿وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اِسْتَطاعُوا﴾ هذا هو الهدف النهائي لهم مجتمعات، وليس أفرادا بالضرورة، والآية وإن نزلت في كفار قريش فهي ككلّ آيات القرآن الكريم ذات مغزى عام لكلّ الأزمنة، انظر آيات [البقرة ٢/ ١٠٥، ١٠٩ - ١٢٠]، ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ﴾ تبطل أعمال المرتد كأن لم يعمل خيرا في حياته قط، فلا يناله الثواب من أعماله في الدنيا ولا في الآخرة ﴿وَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ وهو مصير المرتدين عن الإسلام.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٢١٨)

٢١٨ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا﴾ هم في الأساس مسلمو مكة الذين هربوا من اضطهاد المشركين لهم، وهاجروا إلى المدينة كي يعيشوا فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>