للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿ومن بعث الرسل، نوح وإبراهيم، والأنبياء من بني إسحاق وبني إسماعيل:

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾ (٢٦)

ومنهم عيسى آخر أنبياء بني إسرائيل، والمعلوم أن الإنجيل الذي نزل عليه غير الكتاب الذي بين أيدي النصارى اليوم: ﴿ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً﴾ وتنهى الآية عن الرهبنة ونبذ الدنيا كما فعل بعض النصارى في عصورهم الأولى مع أنه تعالى لم يكتبها عليهم: ﴿وَرَهْبانِيَّةً اِبْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ﴾ وإنما كتب عليهم ابتغاء رضوان الله: ﴿إِلاَّ اِبْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ﴾ ومع ذلك لم يرعوا الرهبنة التي ابتدعوها، انظر آية [التوبة ٣٤/ ٩]: ﴿فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها﴾ وأن النصارى الذين اتّبعوا رسالة عيسى على حقيقتها لا يفوتهم الأجر إذ دخلوا الإسلام بعد الفتوحات الإسلامية: ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ ولكن فسق الأكثرون منهم باختلاق التثليث والزعم بألوهية المسيح:

﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾ (٢٧)

وهنا تخاطب السورة أهل الكتاب وتحضّهم على الإيمان بخاتم الأنبياء والرسل: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ وتعدهم ثواب إيمانهم الصحيح بعيسى وموسى، ثم ثواب إيمانهم بخاتم الأنبياء: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ وتعدهم بالنور، كالمشار له في (الآية ١٣): ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٢٨)

ثم تدعوهم السورة إلى نبذ اعتقادهم بأنهم الوحيدون المخوّلون بنزول الوحي الإلهي عليهم، لأنه تعالى يؤتي الفضل العظيم - أي الوحي - من يشاء من عباده: ﴿لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)﴾، انظر آيات [الجمعة ٤/ ٦٢] و [البقرة ١٠٥/ ٢ - ١٠٦] و [آل عمران ٢٦/ ٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>