للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجسد والغريزة وبين متطلبات النفس والروح، بلا تناقض ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً﴾ من حيث ميله إلى الشهوات الدنيوية فلا يحتمل التضييق عليه في الاستمتاع بها.

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ (٢٩)

٢٩ - بعد أن بيّنت السورة كيفية التصرف بأموال اليتامى، ونهت عن إيتاء المال للسفهاء لوجوب استخدامه على الوجه السليم وبما لا يضر المجتمع، وحدّدت تداول المال بالإرث، وأوضحت أن الإنسان خلق ضعيفا يميل إلى الشهوات وإلى متاع الدنيا، تنتقل هذه الآية إلى النهي عن تداول المال بالباطل:

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ﴾ لا تستولوا على أموال الغير بلا وجه حق سواء بالقوة أو بوسائل أخرى كالغش أو التدليس أو الخيانة أو الميسر أو السرقة أو الربا، وقد أضاف تعالى الأموال إلى الجميع فلم يقل لا يأكل بعضكم أموال بعض بل قال أموالكم وذلك تنبيها على تكافل الأمة في الحقوق والمصالح، وبمعنى أنه إذا استباح أحدكم أكل مال الآخرين بالباطل فكأنه أباح للغير أكل ماله بالباطل أيضا، فكما يدين يدان ﴿إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ﴾ فعندئذ يكون أكل المال بالحلال، وقيل أيضا إنّ (إلاّ) بمعنى (ولا) فيكون المعنى لا يحل لكم أن تأكلوا أموال الغير بالباطل حتى لو كان ذلك بموافقة الغير وهو الطرف الضعيف، وسوف يرد بالآية (٣٢)﴾ النهي عن تمنّي أموال الآخرين بما قد يؤدي للقتل: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي لا يقتل بعضكم بعضا وهو تحريم القتل والاقتتال بين المسلمين، وإضافة الأنفس إلى الجميع من قبيل التعبير عن تكافل مجموع الأمة ووحدتها قال تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً﴾ [المائدة: ٥/ ٣٢]، كما أنّ قتل الإنسان لغيره يؤدي إلى قتله قصاصا أو ثأرا فكأنّما قتل نفسه ﴿أَنْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>