للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النظم في السورة]

﴿اتفقوا أنّ القارعة اسم من أسماء القيامة: ﴿الْقارِعَةُ * مَا الْقارِعَةُ﴾ (١ - ٢)

أما حقيقتها فمن أمور الغيب: ﴿وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ﴾ (٣) أي لا علم للناس بكنهها،

وقد شبّه تعالى الناس يومها بالفراش المنتشر لضعفهم وتهافتهم وذهاب جبروتهم الذي كانوا يظنونه في الدنيا: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ﴾ (٤)

وحتى الجبال التي تبدو لنا صلبة في ظاهرها تصبح كالصوف المنفوش، كناية عن ضعف المخلوقات في ذلك اليوم: ﴿وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ (٥)

يومها تتحقق موازين العدالة على أكمل وجه، فمن ثقلت موازينه بنتيجة اتّباعه الحق في دنياه: ﴿فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ﴾ (٦) تكون معيشته في الآخرة راضية: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ﴾ (٧)

وأما من خفّت موازينه - لأنّ الباطل خفيف لا قرار له، لقوله: ﴿إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾ [الإسراء ٨١/ ١٧]- بنتيجة اتّباعه الباطل في دنياه: ﴿وَأَمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ﴾ (٨) فيهوي إلى أسفل سافلين في الدنيا قبل الآخرة: ﴿فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ﴾ (٩) والاستعارة في كلمة الأم تعني أن الهاوية تحضنه كما تحضن الأم ابنها، كناية عن عذاب الآخرة،

لقوله: ﴿وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ﴾ (١٠) أي ما أدراك أيها الإنسان ما كنهها؟

فلذلك كنّى تعالى عنها بنار حامية، وتنكير النار بحذف أل التعريف لكونها تمثيلا لما غاب عنّا من أمور الغيب بما نعرف من أمور الدنيا: ﴿نارٌ حامِيَةٌ (١١)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>