١٣٠ - ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ﴾ السنين جمع سنة، وهي السنة التي يحصل فيها القحط، وهي أيضا بمعنى السنة الزمنية، وآل فرعون المقصود بهم قومه بمن فيهم كبار القوم وعامتهم، أي أهل مصر في عهده، وهم مؤاخذون بظلمه وطغيانه لأن قوته المالية والعسكرية منهم، وقد خلقهم تعالى أحرارا وكرمهم بالعقل والفطرة التي تميل بالغريزة إلى الحرية والكرامة، فكان حقا عليهم ألاّ يقبلوا استعباده لهم، وأن يرفضوا جعلهم آلة لطغيانه ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ﴾ كناية عن شدة الضيق، أي إنّ القحط الذي أخذهم به تعالى لم يقتصر على الحبوب فقط ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ لعلهم يذّكرون ضعفهم واعتمادهم على القدرة الإلهية، ويذكرون عجز فرعون وعجز آلهتهم الوهمية.
١٣١ - ﴿فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ﴾ وهو قول آل فرعون، أي هي نتيجة استحقاقنا لا غير، ونحن جديرون بها ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ﴾ يتشاءموا بموسى ومن معه، لأن التطيّر هو التشاؤم، فيقولون أصابتنا هذه السيئة بسببه، لأنهم قوم اعتادوا الخرافات ﴿أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ﴾ أي حظهم عند الله، وعبّر عنه بالطائر لأن العرب كانت تتوقع الخير والشر مما تراه من حركة الطير، فإذا طارت من جهة اليمين تيمّنت وتوقعت الخير، وإذا طارت من جهة الشمال تشاءمت وتوقعت الشر، ثم إنهم سمّوا الشؤم طيرا وطائرا، وسمّوا التشاؤم تطيّرا، ولذا قال تعالى في دحض خرافتهم أنّ طائرهم عند الله، أي إنه تعالى جعل لكل شيء قدرا، بمعنى أنه وضع للكون سننا وقوانين تكون فيها المسبّبات على قدر الأسباب ونتيجة لها، وقد بيّن ﷺ أن طيرتهم باطلة فقال:«لا طيرة ولا هام»، ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ أكثرهم لا يعلمون أن