للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سورة النمل أن الرسل في مأمن من الخوف في حضرة الله ﷿:

﴿يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ (١٠/ ٢٨)، وفي سورة القصص أنهم من الآمنين، أي في الدنيا والآخرة: ﴿يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ (٣١/ ٢٨).

[محور السورة]

أن الله تعالى يجزي المتصفين بالإحسان في كل شيء بأن يؤتيهم العلم بمعناه الواسع؛ أي الإدراك الروحاني، كما يؤتيهم الحكمة، أي المقدرة المنطقية على إدراك الصواب من الخطأ، لقوله تعالى عن موسى: ﴿وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاِسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ (١٤)، وقد توصل موسى إلى هذه المنزلة بعد الأحداث المذكورة بالآيات (١٥ - ٢٨)، وفي آية [يوسف ٢٢/ ١٢] إشارة ليوسف بما يشبه ذلك.

وعلى النقيض من المتصفين بالإحسان تكمن عاقبة فرعون وأمثاله في الاستكبار الزائف وإنكار البعث والحساب: ﴿وَاِسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ﴾ (٣٩).

مع أنّ الوحي الإلهي وبعث الرسل تتالى على البشرية منذ القدم فلا عذر للناس بالاستكبار والجهل: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (٥١)، ومن ذلك نزول الوحي بالتوراة وبالقرآن: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٤٩).

وبعد البعثة النبوية دخل كثير من اليهود والنصارى في الإسلام كما يدخلونه اليوم: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ (٥٢ - ٥٣)، وأن المجتمعات قد تدوم مع الكفر ولا تدوم مع الظلم: ﴿وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاّ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>