٣٧ - ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ﴾ أي أنهم يريدون التوبة بعد أن أيقنوا بالحقيقة التي سبق أن ضلّوا عنها، ويودّون لو أنّ لهم فرصة أخرى للاختبار بعد أن فات الأوان، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً﴾ [الأنعام: ٦/ ١٥٨].
٣٨ - قد يلاحظ في هذه الآية انتقال - في ظاهره مفاجئ - من آيات الإيمان والكفر والأنبياء، إلى موضوع التشريع العملي، غير أنّ أسلوب القرآن الكريم يتعمّد، في كثير من المواضع، ربط آيات التشريع الاجتماعي والتطبيق الحياتي مع آيات التوحيد والإيمان والأخلاق، والسبب أنّ حياة الإنسان وحدة متكاملة لا تنفصل النواحي الروحية فيها عن النواحي الحياتية المعيشية.
ومن جهة ثانية، يحتمل أن يكون ارتباط المعنى بما قبله أنّ أكثر أموال الكفار من اليهود وغيرهم - المشار إليها بالآية ٣٦ - قد جمعوها بالسرقة وبطرق غير شرعية، فبيّن تعالى جزاءهم:
﴿وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما﴾ الخطاب موجّه للإمام أو الحكومة، وقد أجمعوا أنه ليس لآحاد الرعية إقامة الحدود على الجناة، وينظر إلى حدّ السرقة في الإسلام ضمن المبدأ الإسلامي: أن لا تكليف على المسلم - ولا عقوبة - إلاّ أن يكون له حقّ بالمقابل، فمن حقوق أي شخص في المجتمع الإسلامي أن يتمتّع بحماية المجتمع، بكلّ ما في هذه الكلمة من معنى، وعلى المجتمع أيضا أن يضمن لكلّ شخص مستوى أدنى من الحياة المعيشية بما يتناسب مع مقدرة المجتمع وموارده الاقتصادية، لأنّ المجتمع الإسلامي لا يكتفي بتزويد المرء بحاجاته الروحية فقط بل يضمن حاجاته المادية أيضا، ويحقق له فرص العمل