للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهلة التوبة التي منحها تعالى لهم كي ينظروا في العلم والدلائل قبل انقضاء الأجل.

﴿قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ (٧١)

٧١ - ﴿قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ﴾ الرجس هو القبيح المستقذر حسّيا أو معنويا، والمعنى أن عبادتكم الآلهة المزعومة وإصراركم على الشرك قد لوّث نفوسكم بالخبث والقذارة الروحية، وقوله ﴿قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ﴾ يفيد تحقق الرجس على أصحابه نتيجة حتمية للإصرار على الشرك وتحدي الرسول، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ﴾ [التوبة ٩٥/ ٩]، وقوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ [يونس ١٠٠/ ١٠] أي الذين لا يستخدمون عقولهم، وقوله تعالى: ﴿كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام ١٢٥/ ٦]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة ٢٨/ ٩]، فيكون الرجس والنجس بمعنى واحد، غير أن الزمخشري فسّر الرجس بالعذاب، لأنهم رفضوا الإمهال الذي يمنحه تعالى لعباده للتوبة فلم يبق إلا وقوع العذاب بهم ﴿وَغَضَبٌ﴾ أي ما يترتب على غضبه تعالى من العذاب، واستخدام الفعل الماضي في وقوع الرجس والغضب يفيد أن لا مردّ له بانتهاء مهلة التوبة ﴿أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ﴾ هذه الأسماء والمسمّيات من الأوثان والآلهة التي ابتكرها آباؤكم وقلدتموهم فيها، كيف تجادلون بصحتها مع أن معنى الإلهية فيها معدوم ﴿ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ﴾ ما أنزل الله عليكم فيها حجة ولا برهان بل هي من اختراعكم، وما جعل تعالى بها من حول ولا قوة وليس فيها أي معنى للألوهية ﴿فَانْتَظِرُوا﴾ ما يحصل لكم من عبادة هذه الأصنام والآلهة المزعومة ﴿إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ ننتظر معا عدم استمهالكم ونتيجة طلبكم وقوع العذاب بكم بقولكم ﴿فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>