للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أصحاب الوحي الأول، فكانوا لذلك يتوقعون من اليهود الانضمام إليهم في الصراع الذي وقع بين الإسلام والوثنية، غير أن اليهود كانوا عند أسوأ الظن، فجابهوا الإسلام بكل ما استطاعوا من إساءة.

﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً﴾ (٤٥)

٤٥ - ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ﴾ الله تعالى أعلم منكم بما في نفوس أعدائكم من النفاق والكيد والخديعة في الخفاء والعلن، مع إظهارهم الرغبة في نصيحتكم وموالاتكم ﴿وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا﴾ فهو يتولّى أموركم وإرشادكم إلى ما فيه خيركم ﴿وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً﴾ فيوفقكم للعمل بما فيه أسباب النصر، فلا تغترّوا بغيره ولا تطلبوا النصر من سواه، وعليكم اتباع سننه في الأسباب وهدايته في القرآن.

﴿مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاِسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاِسْمَعْ وَاُنْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً﴾ (٤٦)

٤٦ - ﴿مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ﴾ الذين هادوا هم اليهود يتلاعبون بالألفاظ والمعاني، وهو دأبهم قديما وحديثا، ومنهم من تعمّد الحذف والزيادة في كتبهم، وهم الأحبار ﴿وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا﴾ كأن اليهود يحدّثون أنفسهم قائلين سمعنا الرسالات السماوية وعصيناها، وعصيانهم ينطبق على كل الوحي الذي نزل على موسى ومن بعده من الأنبياء ولا يقتصر على معصية النبي ، ومن الأعذار الواهية التي يبررون بها معصيتهم زعمهم أنهم شعب الله المختار أبد الدهر رغم ذنوبهم وجرائمهم ﴿وَاِسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ أي يقول بعضهم لبعض: اسمع شيئا لا يستحق السمع، تهكما على كلام النبي ﴿وَراعِنا﴾ خطابهم للنبي بمعنى أعرنا سمعك، أو أصغ إلينا، والمغزى أنهم ليسوا بحاجة لتعلم شيء من النبي، بل العكس عليه أن يتعلم منهم بزعمهم، وذلك شبيه بقولهم: ﴿قُلُوبُنا غُلْفٌ﴾ [البقرة: ٢/ ٨٨]، يزعمون أن

<<  <  ج: ص:  >  >>