١٦ - ﴿مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ﴾ أي هي مصيره ومآله يدخلها من خلال عمله السيء وجبروته وعناده عن الحق ﴿وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ﴾ لأن شدة كراهته تصدّ عن تناوله.
١٧ - ﴿يَتَجَرَّعُهُ﴾ الكافر عند إحساسه بالعطش ﴿وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ﴾ لأن نفسه لا تتقبله لما يثيره فيه من مشاعر القرف ﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ﴾ من خلال العذاب الغليظ ﴿وَما هُوَ بِمَيِّتٍ﴾ يتمنى الموت فلا يأتيه بل يبقى في العذاب: ﴿وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ﴾ فيمكث فيه.
١٨ - بعد أن وصفت السورة بالآيات (٣ - ١٧) عناد الكافرين ومكابرتهم تجاه رسلهم تبين هذه الآية أن أعمال الكفار في الحياة الدنيا تحبط في الآخرة ولا تفيدهم بشيء فهي كالرماد الذي تنثره الرياح العاصفة:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ﴾ الأعمال التي كانوا يتقربون بواسطتها لآلهتهم باطلة، وكذا أعمال البر والخير لا يستفيدون من ثوابها ﴿اِشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ﴾ فحملت العاصفة الرماد وبعثرته حتى لم يبق منه شيء، وكذا أعمالهم ﴿لا يَقْدِرُونَ﴾ يوم القيامة ﴿مِمّا كَسَبُوا﴾ من أعمال الدنيا ﴿عَلى شَيْءٍ﴾ من الثواب، أي لا يجدون لها ثوابا في الآخرة ﴿ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾ لأنهم ضلّوا ويحسبون أنهم على شيء،
١٩ - استكمال الخطاب من الآية السابقة لأنّ الخطاب موجّه للكفار الذين في الضلال البعيد المشار إليهم آنفا: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ﴾