السماوات والأرض داخلا في حقيقتهما، ما ليس له في حدّ ذاته استحقاق الوجود، ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾ أن كانت مرحلة ثانية من الحياة، تكمل الأولى، وتظهر المغزى منها، وتكتمل بها العدالة ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ أحكم أمر الدار الأولى، والدار الآخرة، بما تقتضيه الحكمة ﴿الْخَبِيرُ﴾ العالم ببواطن الأمور.
٢ - ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ﴾ ما يدخل فيها ﴿وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها﴾ تشمل الأشياء المادية، والمعنوية الروحانية معا، فمن الأشياء المادية المياه التي تختفي في باطن الأرض ثم تظهر في الينابيع، وهنالك البذور المختفية في الأرض ثم تظهر بإنبات النبات، وهنالك النباتات التي تتفسخ في الأرض وتتحول إلى نفط وفحم، وهنالك جثث الأموات من بشر وحيوانات تتحوّل إلى مواد عضوية تغذّي النبات فينشأ منها حياة جديدة، وهنالك أبخرة المياه تصعد نحو السماء ثم تهبط بهطول الأمطار والثلج والبرد، ومن الأشياء الروحانية هنالك الأرواح والدعاء والكلم الطيّب وأعمال العباد الصالحة تعرج إلى السماء، والمراد بالسماء جهة العلوّ، ثمّ ما ينزل من السماء من الأرزاق ومن الوحي الإلهي كالقرآن، ثم الإلهام الذي يتنزّل على البعض فيتجدّد الإيمان ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ﴾ بإنزال الأرزاق من السماء ﴿الْغَفُورُ﴾ عندما تعرج إليه الأرواح والأعمال.
٣ - ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السّاعَةُ﴾ مع كل الإعجاز الذي تقدّم ذكره، زعم المصممّون على الكفر أن ليس هنالك من آخرة، وهذا الزعم يترتّب عليه نقطتان، الأولى: أن الكون خالد، فليس له بداية ولا نهاية في الزمان والمكان، وإنما يطرأ عليه التغيير فقط، ومن ثمّ إنكار أن الخلود غير متحقق إلاّ