للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يومها تكون قلوب الكفار في غاية القلق: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ﴾ (٨)، وقوله ﴿قُلُوبٌ﴾ بالتنكير أي ليس جميع القلوب تكون قلقة، بل قلوب الكفار فقط بدليل الآية ١٠،

أبصارها مضطربة خائفة ذليلة: ﴿أَبْصارُها خاشِعَةٌ﴾ (٩)

ومع ذلك، ومع كل الدلائل على حتمية وقوعها يتهكم المتهكمّون في القيامة والبعث: ﴿يَقُولُونَ أَإِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ﴾ (١٠) أي كانوا يقولون عندما كانوا في الدنيا أنردّ بعد الموت إلى الحياة مرة ثانية، والحافرة الطريق التي يمشي فيها المرء فيحفرها بقدميه أي يترك فيها أثرا بمشي القدمين، فهي محفورة وحافرة ومنه يقال رجع فلان في حافرته أي في الطريق التي جاء منها.

ويتساءل الكفار في دنياهم كيف نردّ ونبعث بعد أن تصبح عظامنا منخورة:

﴿أَإِذا كُنّا عِظاماً نَخِرَةً﴾ (١١) وهو سؤال منبثق من ماديتهم لأنهم ينكرون الروح ولا يقيمون أي اعتبار سوى للمادة.

ثم بمزيد من التهكم يقولون لو كان الأمر على هذا النحو لكنّا خاسرين، أي سيظهر فساد نظرياتهم الدنيوية المادية التي يعتبرونها في حاضرهم "معقولة":

﴿قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ﴾ (١٢)

وهكذا لا يستفيقون من ضلالهم إلا عند ما تقع الواقعة فكأنها يومئذ تزجرهم: ﴿فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ﴾ (١٣)

وقتئذ تنفتح بصيرتهم على الحقيقة ولا يبقى عندهم أدنى شك بها: ﴿فَإِذا هُمْ بِالسّاهِرَةِ﴾ (١٤) والساهرة الآخرة إذ في الخلود يضمحل مفهوم الزمن الدنيوي.

وهنا تضرب السورة مثلا على إصرار الكفار على كفرهم بقصة فرعون وبعثة موسى إليه: ﴿هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥)﴾، والقصة مذكورة بمزيد من التفصيل في سورة [طه ٩/ ٢٠ - ٩٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>